القائمة الرئيسية

الصفحات

أهمية العلم واتباع العلماء


المطلب الأول: مفهوم العلم في اللغة والاصطلاح
الفرع الأول: مفهوم العلم في اللغة
العلم لغة من مادة علم (ع ل م), يقال: ما علمت بخبرك: ما شعرت به. وكان الخليل علّامة البصرة, وتقول: هو من أعلام العلم الخافقة، ومن أعلام الدّين الشاهقة. وهو معلم الخير, ومن معالمه أي من مظانّه. وخفيت معالم الطريق أي آثارها المستدلّ بها عليها. وقولك: فارس معلم, وتعلّم أن الأمر كذا أي اعلم, وعلمته الشيء فتعلم.
والعلم نقيض الجهل وهو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكا جازما.
الفرع الثاني: مفهوم العلم في الاصطلاح
العِلْـمُ، بالمفهوم الشامل للكلمة، هو كل نوع من المعارف أو التطبيقات. وهو مجموع مسائل وأصول كليّة تدور حول موضوع أو ظاهرة محددة وتعالج بمنهج معين وينتهي إلى النظريات والقوانين. ويعرف أيضا بأنه "الاعتقاد الجازم المطابق للواقع وحصول صورة الشيء في العقل". وعندما نقول: إن "العلم هو مبدأ المعرفة، وعكسه الجَهـْلُ" أو "إدراك الشيءِ على ما هو عليه إدراكًا جازمًا". يشمل هذا المصطلح في استعماله العام أو التاريخي مجالات متنوعة للمعرفة، ذات مناهج مختلفة مثل الدين (علوم الدين) والموسيقى (علم الموسيقى) والفلك (علم الفلك) والنحو (علم النحو).
وبتعريف أكثر تحديدًا، العِلْـمُ هو منظومة من المعارف المتناسقة التي يعتمد في تحصيلها على المنهج العلمي دون سواه، أو مجموعة المفاهيم المترابطة التي نبحث عنها ونتوصل إليها بواسطة هذه الطريقة.
قال البعض: إن العلم هو المعرفة وهو ضد الجهل, وقال آخرون من أهل العلم: إن العلم أوضح من أن يعرف, والذي يعنينا هنا هو العلم الشرعي, فقد عرفه بعض العلماء بأنه "علم ما أنزل الله على رسوله من البينات والهدى". فالعلم الذي فيه الثناء والمدح هو علم الوحي, علم ما أنزله الله فقط, قال النبي – صلى الله عليه وسلم –: ) من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ( ولم يقل: يحفظه؛ لأن الفقه هو: الفهم، والفهم ثمرة الحفظ، كما جاء في الحديث: (رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه)، قال الإمام النووي: "فيه فضيلة العلم والتفقه في الدين والحث عليه وسببه أنه قائد إلى تقوى الله". وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- أيضا: ) إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما, وإنما ورثوا العلم, فمن أخذه أخذ بحظ وافر (.
من المعلوم أن علم الشريعة هو العلم الذي ورثه الأنبياء -عليهم السلام- وليس غيره, وهم لم يورثوا للناس علم الصناعات وما يتعلق بها, ولا علم الدنيا وما يلحق به مما لم يكن له علاقة بالعلم الشرعي. وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – لما جاء إلى المدينة وجد الناس يؤبرون النخل فقال لهم لما رأى من تعبهم كلاما يعني أنه لا حاجة إلى هذا ففعلوا وتركوا التلقيح, ولكن النخل فسد ثم قال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: ) أنتم أعلم بشئون دنياكم (.
المطلب الثاني: مفهوم العلماء في اللغة والاصطلاح
الفرع الأول: مفهوم العلماء في اللغة
وقد سبق أن بينا أن العلم في اللغة من كلمة علم وهو نقيض الجهل، فكلمة علماء جمع ومفردها عالم وهو نقيض جاهل, والجاهل هو الذي لم يكن لديه علم أو هو الذي لم يدرك الشيء على ما هو عليه إدراكًا جازمًا, بخلاف العالم, فالعالم هو الذي يدرك الشيء على ما هو عليه إدراكا جازما.
الفرع الثاني: مفهوم العلماء في الاصطلاح.
العالم هو الذي يدرك الشيء على ما هو عليه إدراكا جازما, والعالم الشرعي هو العالم بما أنزل الله على رسوله من البينات والهدى, لهذا قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ) من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (, قال الإمام النووي: "فيه فضيلة العلم، والتفقه في الدين، والحث عليه، وسببه أنه قائد إلى تقوى الله"، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- أيضا: ) إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما, وإنما ورثوا العلم, فمن أخذه أخذ بحظ وافر (.
وقد ذكر في القرآن الكريم أن أهل العلم والعلماء هم أحد صنفي ولاة الأمر الذين أمر الله بطاعتهم, قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ (سورة النساء: 59) قال فضيلة الشيخ العلامة ابن العثيمين -رحمه الله تعالى-: "فإن ولاة الأمور هنا تشمل ولاة الأمور من الأمراء والحكام, والعلماء وطلبة العلم, فولاية أهل العلم في بيان شريعة الله ودعوة الناس إليها وولاية الأمراء في تنفيذ شريعة الله وإلزام الناس بها".
من هنا نفهم أن عالم الشريعة هو الذي يبين شريعة الله وأحكامها ويدعو الناس إليها, ويمكن القول أيضا: إن أهل العلم هم القائمون على أمر الله تعالى حتى تقوم الساعة.
المبحث الأول: فضل العلم الشرعي وأهميته
للعلم أهمية بالغة في الإسلام، اهتم به الإسلام كثيرا، ويحث كل مسلم على طلب العلم دائما، وأن يسلك طريقه لأجل النيل به والعمل به، وبالعلم الشرعي يهتدي الإنسان وبدونه يضل ويشقى، وسوف نستعرض أهمية العلم في الإسلام من خلال عرض النصوص القرآنية والأحاديث النبوية وأقوال السلف الصالح على النحو الآتي:
المطلب الأول: فضل العلم في نصوص القرآن
فلا يستوي عند الله الذي يعلم والذي لا يعلم، فأهل العلم لهم مقام عظيم في شريعتنا الغراء، فهم من ورثة الأنبياء والمرسلين، يقول الله تبارك تعالى: ﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ (سورة الزمر: 9) لا يستوي الذي يعلم والذي لا يعلم، كما لا يستوي الحي والميت، والسميع والأصم، والبصير والأعمى، فالعلم نور يهتدي به صاحبه إلى الطريق السوي، ويخرج به من الظلمات إلى النور.
ويرفع الله الذي يطلب العلم والذي يعمل به كما يشاء، قال تعالى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ (سورة المجادلة: 11) أي يرفع الذين أوتوا العلم من المؤمنين بفضل علمهم وسابقتهم درجات أي على من سواهم في الجنة. قال القرطبي: "أي في الثواب في الآخرة وفي الكرامة في الدنيا، فيرفع المؤمن على من ليس بمؤمن والعالم على من ليس بعالم" وقال ابن مسعود: مدح الله العلماء في هذه الآية، والمعنى: أنه يرفع الله الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم (درجات) أي درجات في دينهم إذا فعلوا ما أمروا به.
إن العالم هو الذي يعبد الله على بصيرة، بخلاف الجاهل فإنه لا يعبد الله على بصيرة، لذلك نجد أن الإسلام يأمرنا أن نطلب العلم حتى نعمل بالإسلام وأحكامه على بصيرة، فالذي يصلي وهو يعلم أنه على طريق شرعي هل هو كالذي يصلي من أجل أنه رأى أباه صلى؟ لذلك قال تعالى: ﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ (سورة الزمر: 9) وقال تعالى: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ (سورة يوسف: 18)، فهل الذي يعلم حقيقة الرب عز وجل كالذي يجهل حقيقة الرب؟ وكيف حال العبد لو كان لا يعلم حقيقة التوحيد وأهميته؟ لذلك كما قيل: أول الدين معرفة الله، والله يقول في القرآن الكريم: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (سورة محمد: 19)، إن التوحيد هو الأصل الذي بنيت عليه الملة الحنيفية؛ فالاهتمام به اهتمام بالأصل، وإذا تدبرنا القرآن الكريم وجدنا أنه بيَّن التوحيد تبيانًا كاملا، حتى إنه لا تخلو سورة من سور القرآن إلا وفيها تناول للتوحيد، وبيان له ونهي عن ضده. ولا يمكن أن نصل إلى التوحيد إلا عن طريق العلم الشرعي الصحيح، من هنا تأتي أهمية طلب العلم. ثم لو تأملنا الآية: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ﴾ (سورة محمد: 19) أمر الله تعالى بالعمل بعد العلم، وقد بوَّب الإمام البخاري بابًا فقال: "باب العلم قبل القول والعمل"، لقوله تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ﴾ (سورة محمد: 19).
والعلماء هم أمناء الله على خلقه،‏ وهذا شرف للعلماء عظيم، ومحل لهم في الدين خطير؛ لحفظهم الشريعة من تحريف المبطلين، وتأويل الجاهلين، والرجوع والتعويل في أمر الدين عليهم، فقد أوجب الحق سبحانه سؤالهم عند الجهل، فقال تعالى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (سورة النحل: 43).
Reactions
التنقل السريع